فصل: فصل لو كان المبيع جارية فوطئها المشتري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 باب معاملات العبيد

العبد مأذون له في التجارة وغيره‏.‏

الأول‏:‏ المأذون له فيجوز للسيد أن يأذن لعبده في التجارة وسائر التصرفات كالبيع والشراء بالإجماع ويستفيد بالإذن في التجارة كل ما يندرج تحت اسمها وما كان من لوازمها وتوابعها ولا يستفيد غير ذلك هذا جملة القول فيه‏.‏

وتفصيله بصور‏.‏

إحداها‏:‏ ليس للمأذون في التجارة أن ينكح كما ليس للمأذون في النكاح أن يتجر‏.‏

الثانية‏:‏ لا يجوز أن يؤجر نفسه على الصحيح وله أن يؤجر مال التجارة كعبيدها وثيابها ودوابها على الأصح‏.‏

الثالثة‏:‏ إذا أذن له في التجارة في نوع أو شهر أو سنة لم يتجاوز المأذون‏.‏

الرابعة‏:‏ لو دفع إليه ألفاً وقال‏:‏ اتجر فيه فله أن يشترى بعين الألف وبقدره في الذمة ولا يزيد ولو قال اجعله رأس مالك وتصرف أو اتجر فله أن يشترى بأكثر من الألف‏.‏

الخامسة‏:‏ ليس للمأذون أن يأذن لعبده في التجارة فإن أذن له فيه السيد جاز ثم ينعزل المأذون الثاني بعزل السيد سواء انتزعه من يد المأذون الأول أم لا وهل له أن يوكل عبده في آحاد التصرفات وجهان أصحهما عند الإمام والغزالي نعم والثاني لا وهو مقتضى كلام صاحب التهذيب‏.‏

قلت‏:‏ وليس له أن يوكل أجنبياً كالوكيل لا يوكل بخلاف المكاتب لأنه يتصرف لنفسه والله أعلم

السادسة‏:‏ لا يتخذ دعوة للمجهزين ولا يتصدق ولا ينفق على نفسه من مال التجارة لأنه ملك السيد ولا يعامل سيده بيعا وشراء‏.‏

السابعة‏:‏ ما كسبه المأذون بالاحتطاب والاصطياد والاتهاب وقبول الوصية والأخذ من المعدن هل يضم إلى مال التجارة حتى يتصرف فيه وجهان أصحهما في التهذيب نعم لأنها من الأكساب والثاني لا وبه قطع الفوراني والإمام والغزالي‏.‏

الثامنة‏:‏ لا ينعزل المأذون بالإباق بل له التصرف في البلد الذي صار إليه إلا إذا خص السيد الإذن بهذا البلد‏.‏

قلت‏:‏ وفي التتمة وجه ضعيف أنه لا يصح تصرفه في الغيبة والله أعلم‏.‏

التاسعة‏:‏ له أن يأذن في التجارة لمستولدته قطعاً ولو أذن لأمته ثم استولدها لم تنعزل على الصحيح‏.‏

العاشرة‏:‏ لو رأى عبده يبيع ويشتري فسكت عنه لم يصر مأذوناً‏.‏

الحادية عشرة‏:‏ لو ركبته الديون لم يزل ملك سيده عما في يده فلو تصرف فيه ببيع أو هبة أو إعتاق بإذن المأذون والغرماء جاز ويبقى الدين في ذمة العبد وإن أذن العبد دون الغرماء لم يجز وإن أذنوا دونه فوجهان‏.‏

الثانية عشرة‏:‏ إقرار المأذون بدين المعاملة مقبول سواء أقر لأبيه أو ابنه أو لأجنبي‏.‏

الثالثة عشرة‏:‏ لا يجوز أن يبيع بنسيئة ولا بدون ثمن المثل ولا يسافر بمال التجارة إلا بإذن السيد ولا يتمكن من عزل نفسه بخلاف الوكيل‏.‏

قلت‏:‏ ولو كان لرجلين عبد فأذن له أحدهما في التجارة لم يصح حتى يأذن الآخر كما لو أذن له في النكاح لا يصح حتى يأذن الآخر والله أعلم‏.‏

فرع قال صاحب التتمة في جواز معاملة من لا يعرف رقه أظهرهما الجواز لأن الأصل والغالب الحرية والثاني المنع لأن الأصل بقاء الحجر وقطع إمام الحرمين بالجواز ومن عرف رقة لم يجز له أن يعامله حتى يعرف إذن السيد ولا يكفي قول العبد أنا مأذون كما لو زعم الراهن إذن المرتهن في بيع المرهون وإنما يعرف كونه مأذونا بسماع الإذن من السيد أو ببينة فإن شاع في الناس كونه مأذونا كفى على الأصح وإذا علم كونه مأذونا فقال حجر علي السيد لم تجز معاملته فإن قال السيد لم أحجر عليه فوجهان أصحهما لا يعامل أيضاً لأنه العاقد وهو يقول العقد باطل ولو عامل المأذون من يعلم رقه ولم يعلم الإذن فبان مأذونا قال الأئمة هو كمن باع مال أبيه على أنه حي فبان ميتاً ومثله قولان حكاهما الحليمي فيما إذا ادعى الوكالة فكذبه فعامله ثم بان أنه وكيل‏.‏

قلت‏:‏ ولو باع مالا يظنه لنفسه فبان مال أبيه وكان متيا حال العقد صح بلا خلاف كذا نقله الإمام عن شيخه والله أعلم‏.‏

فرع لو علم كونه مأذونا فعامله ثم امتنع من التسليم إليه حتى يشهد على الإذن فله ذلك خوفاً من إنكار السيد كما لو صدق مدعي الوكالة بقبض الحق ثم امتنع من التسليم حتى يشهد الموكل على الوكالة‏.‏

 فصل إذا باع المأذون سلعة وقبض الثمن

فاستحقت وقد تلف الثمن في يد العبد فللمشتري الرجوع ببدله على العبد على الصحيح لأنه مباشر العقد وفي وجه لا يرجع عليه لأن يده يد السيد وفي مطالبته السيد أوجه أصحها يطالب أيضاً لأن العقد له والثاني لا والثالث إن كان في يد العبد وفاء لم يطالب وإلا فيطالب وقال ابن سريج إن كان السيد دفع إليه عين مال وقال بعها وخذ ثمنها واتجر فيه أو قال اشتر هذه السلعة وبعها واتجر في ثمنها ففعل ثم ظهر الاستحقاق فطالبه المشتري بالثمن فله أن يطالب السيد بقضاء الدين عنه لأنه أوقعه فيه وإن إشترى باختياره سلعة وباعها ثم ظهر الاستحقاق فلا ولو اشترى المأذون شيئاً للتجارة ففي مطالبة السيد بالثمن هذه الأوجه والوجه الأول والثاني جاريان في رب المال مع عامل القراض ولو سلم الرجل إلى وكيله ألفاً وقال اشتر لي عبداً وأد هذا الألف في ثمنه فاشترى الوكيل ففي مطالبة الموكل طريقان أقيسهما طرد الوجهين والثاني القطع بالمطالبة ولا حكم لهذا التعيين وإذا توجهت المطالبة على العبد ثم تندفع بعتقه وفي رجوعه بالمغروم بعد العتق على سيده وجهان أصحهما لا يرجع‏.‏

 فصل لو سلم إلى عبده ألفا ليتجر فيه

فاشترى بعينه شيئاً ثم في يده انفسخ البيع وإن اشترى في الذمة على عزم صرف الألف في الثمن فأربعة أوجه أصحها لا ينفسخ العقد بل أن أخرج السيد ألفا امضي العقد وإلا فللبائع فسخه والثاني يجب على السيد ألف آخر والثالث يجب الثمن في كسب العبد والرابع ينفسخ العقد فإذا قلنا على السيد ألف آخر فهل يتصرف العبد فيه بالإذن السابق أم يشترط إذن جديد وجهان قال الإمام وإنما يطالب بالألف الجديد البائع دون العبد ولا شك أن العبد لا يمد يده إلى ألف من مال السيد وأنه لا يتصرف فيما يسلمه البائع وإنما تظهر فائدة الوجهين فيما لو ارتفع العقد بسبب ورجع الألف‏.‏

قلت‏:‏ قال صاحب التهذيب لو اشترى المأذون شيئاً بعرض فتلف الشيء ثم خرج العرض مستحقا فالقيمة في كسبه أم على السيد وجهان والله أعلم‏.‏

 فصل ديون معاملات المأذون تؤدى مما في يده من مال التجارة

سواء الأرباح الحاصلة بتجارته ورأس المال وهل تؤدى من إكسابه بغير التجارة كالاحتطاب والاصطياد وجهان أحدهما لا كسائر أموال السيد وأصحهما نعم كما يتعلق به المهر ومؤن النكاح ثم ما فضل يكون في ذمته إلى أن يعتق ولا يتعلق برقبته ولا بذمة السيد قطعاً ولا بما يكسبه المأذون بعد الحجر على الأصح وإذا باعه السيد أو أعتقه صار محجورا عليه على الأصح وفي قضاء ديونه مما يكسبه في يد المشتري الخلاف المذكور فيما كسبه بعد الحجر عليه ولو كان للمأذون لها أولاد لم يتعلق الدين بهم ولو أتلف السيد ما في يد المأذون من مال التجارة لزمه ما أتلف بقدر الدين ولو فرع لو تصرف السيد فيما في يد المأذون ببيع أو هبة دين على المأذون جاز وفي وجه ضعيف يشترط أن يقدم عليه حجراً وإن كان عليه دين فقد سبق حكم تصرفه‏.‏

فرع لو أذن لعبده في التجارة مطلقا ولم يعين مالا فعن أبي الزيادي أنه لا يصح هذا الإذن وعن غيره أنه يصح وله التصرف في أنواع أمواله وقد بقيت من أحكام المأذون مسائل مذكورة في موضعها‏.‏

قلت‏:‏ قال في التهذيب لو جني على المأذون أو كانت أمة فوطئت بشبهة لا تقضى ديون التجارة من الأرش والمهر ولو اشترى المأذون من يعتق على سيده بغير إذنه لم يصح على الأظهر فإن قلنا يصح ولم يكن على المأذون دين عتق على المولى وإن كان دين ففي عتقه قولان كما لو اشترى بإذن المولى وإن اشترى بإذنه صح فإن لم يكن على المأذون دين عتق وإن كان فقولان أحدهما لا يعتق والثاني يعتق ويغرم قيمته للغرماء ولو مات المأذون وعليه ديون مؤجلة وفي يده أموال حلت المؤجلة كما تحل بموت الحر ذكره القاضي حسين في الفتاوى والله أعلم‏.‏

فقد يكون مأذونا في غير التجارة وقد لا يكون مأذوناً أصلاً وأحكامه مفرقة في أبوابها لكن نذكر منها طرفاً فليس للعبد أن يتزوج بغير إذن السيد وهكذا حكم كل تصرف يتعلق برقبته فإن وصي له أو وهب له كان وصية وهبة لسيده وفي صحة قبوله فيهما بغير إذن سيده وجهان والأصح الصحة كما لو خالع صح ودخل العوض في ملك سيده قهراً وفي صحة ضمانه وجهان مذكوران بفروعهما في بابه وفي صحة شرائه بغير إذن سيده طريقان أحدهما القطع ببطلانه وأصحهما على وجهين أصحهما البطلان فإن صححناه فالثمن في ذمته وذكروا وجهين أحدهما أن الملك للسيد ثم إن علم البائع رقه لم يطالبه بشيء حتى يعتق وإلا فله الخيار إن شاء صبر إلى العتق وإن شاء فسخ ورجع إلى عين ماله والثاني أن الملك للعبد ثم السيد بالخيار بين أن يقره عليه وبين أن ينزعه منه وللبائع الرجوع إلى عين المبيع ما دام في يد العبد لتعذر الثمن كالإفلاس وإن تلف في يده فليس له إلا الصبر إلى أن يعتق وإن انتزعه السيد فليس للبائع الرجوع فيه على الصحيح الذي قاله الأكثرون كما لو زالت يد المفلس عما اشتراه وفي وجه يرجع فيأخذه من السيد وأما إذا أبطلنا شراءه فللمالك استرداد العين ما دامت باقية سواء كانت في يد السيد أو العبد فإن تلفت في يد العبد تعلق الضمان بذمته وإن تلفت في يد السيد فللبائع مطالبته وله مطالبة العبد بعد العتق وإن أدى الثمن من مال السيد فله استرداده ولا يجب على السيد الضمان إذا رآه فلم يأخذه من يد العبد والاستقراض كالشراء في جميع ما ذكرناه‏.‏

فرع للعبد إجارة نفسه بإذن سيده وله بيعها ورهنها على الأصح‏.‏

ولو اشترى أو باع لغيره بالوكالة بغير إذن السيد لم يصح على الأصح لتعلق العهدة بالوكيل‏.‏

 فصل لا يملك العبد بتمليك غير سيده

وفي ملكه بتمليك سيده قولان الأظهر الجديد لا يملك فعلى القديم للسيد الرجوع فيه متى شاء وليس للعبد التصرف فيه لا بإذن سيده فلو كان له عبدان فملك كل واحد منهما صاحبه فالحكم للتمليك الثاني وهو رجوع عن الأول فإن وقعا معاً من وكيلين تدافعا فإن ملكه جارية وقلنا بالقديم فهل للعبد وطؤها فيه أوجه الصحيح يجوز بإذن السيد ولا يجوز بغيره والثاني يجوز مطلقاً والثالث يحرم مطلقاً لضعف ملكه‏.‏

قلت‏:‏ قال في التهذيب لو أولدها فالولد مملوك للعبد ولا يعتق عليه لنقصان ملكه فإذا عتق عتق الولد قال والمدبر والمعلق عتقه على صفة كالقن فلا يحل لهم الوطء على الجديد وإن أذن السيد فيه وفي حله على القديم ما ذكرنا ومن بعضه حر إذا ملك بحريته مالا فاشترى جارية ملكها ولا يحل له وطؤها على الجديد ويحل في القديم بإذن اليد ولا يحل بغير إذنه لأن بعضه مملوك فلم يصح التسري ولا يحل للمكاتب التسري بغير إذن سيده وبإذنه قولان كتبرعه وقيل إن حرمنا التسري على العبد فالمكاتب أولى وإلا فقولان والله أعلم‏.‏

 باب اختلاف المتبايعين وتحالفهما

إذا اختلفا في قدر الثمن أو جنسه أو صفته أو شرط الخيار أو الأجل أو قدرهما أو في شرط الرهن أو الكفيل مع الاتفاق على عقد صحيح فإن كان لأحدهما بينة قضي بها فإن أقاما بينتين وقلنا بالتساقط فكأنه لا بينة وإلا توقفنا إلى ظهور الحال وإن لم تكن بينة تحالفا سواء كانت السلعة باقية أو تالفة وسواء اختلف المتبايعان أو ورثتهما وكذا لو اختلفا في قدر المبيع فقال البائع بعتك العبد بألف فقال بعتنيه مع الجارية بألفين تحالفا فلو قال البائع بعتك العبد فقال بل الجارية واتفقا على الثمن فإن كان الثمن معينا تحالفا وإن كان في الذمة فوجهان أحدهما يتحالفان قاله ابن الحداد واختاره القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والثاني لا قاله الشيخ أبو حامد واختاره الإمام وصاحب التهذيب‏.‏

فإن قلنا‏:‏ لا تحالف حلف كل واحد على نفي ما ادعي عليه فقط ولا يتعلق بيمينيهما فسخ ولا انفساخ ولو كانت بحالها وأقام كل واحد بينة توافقه سلمت الجارية للمشتري وأما العبد فقد أقر البائع ببيعه وقامت البينة عليه فإن كان في يد المشتري أقر عنده وإن كان في يد البائع فوجهان أحدهما يسلم إلى المشتري ويجبر على قبوله والثاني لا يجبر بل يقبضه الحاكم وينفق عليه من كسبه فإن لم يكن له كسب ورأى الحظ في بيعه وحفظ ثمنه‏.‏

فعل‏.‏

فرع يجري التحالف في جميع عقود المعاوضات كالسلم والإجارة والقراض والمساقاة والجعالة والصلح عن الدم والكتابة ثم في البيع ونحوه يفسخ العقد بعد التحالف أو ينفسخ ويترادان كما سيأتي إن شاء الله تعالى وفي الصلح عن الدم لا يعود استحقاقه بل أثر التحالف الرجوع إلى الدية وكذا لا يرجع البضع بل في النكاح ترجع المرأة إلى مهر المثل وفي الخلع يرجع إليه الزوج‏.‏

قال الإمام‏:‏ إن قيل أي معنى للتحالف في القراض مع أن لكل واحد فسخه بكل حال وقد منع القاضي حسين التحالف في البيع في زمن الخيار لإمكان الفسخ بالخيار‏.‏

فالجواب‏:‏ أن التحالف ما وضع للفسخ بل عرضت الأيمان رجاء أن ينكل الكاذب فيقرر العقد بيمين الصادق فإن لم يتفق ذلك وأصرا فسخ العقد للضرورة ونازع القاضي فيما ذكره ثم مال إلى موافقته ورأى في القراض أن يفصل فيقال التحالف قبل الشروع في العمل لا معنى له وبعده يؤول النزاع إلى مقصود من ربح أو أجرة مثل فيتحالفان والجعالة كالقراض‏.‏

فرع لو قال بعتك هذا بألف فقال‏.‏

بل وهبتنيه فلا تحالف إذا على عقد بل يحلف كل واحد على نفي ما يدعى عليه فإذا حلفا لزم مدعي الهبة رده بزوائده على المشهور وفي قول القول قول مدعي الهبة وشذ صاحب التتمة فحكى وجها أنهما يتحالفان وزعم أنه الصحيح ولو قال بعتكه بألف فقال وهبتنيه حلف كل واحد على نفي ما ادعيعليه ورد الألف واسترد العين ولو قال وهبتكه بألف استقرضته فقال بل بعتنيه فالقول قول المالك مع يمينه ويرد الألف ولا يمين على الآخر ولا يكون رهنا لأنه لا يدعيه‏.‏

 فصل وإن اختلفا من غير اتفاق

على عقد صحيح بأن يدعي أحدهما العقد والآخر فساده مثل أن يقول بعتك بألف فقال بل بألف وزق خمر أو قال شرطنا شرطاً مفسداً فأنكر فلا تحالف والأصح عند الأكثرين أن القول قول من يدعي الصحة وهو ظاهر نصه كما لو قال هذا الذي بعتنيه حر الأصل فقال بل هو مملوك فإن القول قول البائع والثاني القول قول الآخر ولو قال بعتك بألف فقال بل بخمر فعلى الوجهين وفيل يقطع بالفساد فإذا قلنا القول قول من يدعي الصحة فقال بعتك بألف فقال بل بخمسمائة وزق خمر وحلف البائع على نفي سبب الفساد صدق وبقي النزاع في قدر الثمن فيتحالفان‏.‏

 فصل لو اشترى شيئاً فقبضه

ثم جاء بمعيب ليرده بالعيب فقال البائع ليس هذا هو الذي سلمته إليك فالقول قول البائع لأن الأصل السلامة فلو كان ذلك في السلم فقال ليس هذا على الوصف الذي سلمت إليك فوجهان أحدهما القول قول المسلم إليه كما أن القول قول البائع وأصحهما القول قول المسلم لأن اشتغال الذمة بمال السلم معلوم والبراءة غير معلومة ويخالف البيع لأنهما اتفقا على قبض ما ورد عليه الشراء وتنازعا في سبب الفسخ والأصل بقاء العقد ويجري الوجهان في الثمن في الذمة أن القول قول الدافع أم القابض وعن ابن سريج وجه ثالث يفرق بينما يمنع صحة القبض وما لا يمنع فإن كان الثمن دراهم في الذمة وكان ما أراده البائع رده زيوفا فالقول قول البائع لإنكاره أصل القبض الصحيح وإن كانت ورقا رديئة النوع لخشونة أو اضطراب سكة فالقول قول المشتري ولا يخفى مثل هذا التفصيل في المسلم فيه ولو كان الثمن معينا فهو كالمبيع فإذا وقع فيه هذا الخلاف فالقول قول المشتري مع يمينه قال في التهذيب لكن لو كان المعين نحاساً لا قيمة له فالقول قول الراد وينبغي أن يكون هذا على الخلاف فيما إذا ادعى أحدهما صحة العقد والآخر فساده‏.‏

فرع اشترى طعاما كيلاً وقبضه بالكيل أو وزنا وقبضه بالوزن أو أسلم فيه وقبضه ثم جاء وادعى نقصاً فإن كان قدراً ينفع مثله في الكيل والوزن قبل وإلا فلا على الأظهر‏.‏

فرع اختلفا في القبض فالقول قول المشتري‏.‏

فرع باع عصيراً وأقبضه ووجد خمراً فقال البائع‏:‏ تخمرفي يدك فقال سلمته خمراً فيكون القبض فاسداً وأمكن صدقهما فأيهما يصدق قولان‏.‏

ولو قال أحدهما كان خمراً عند البيع فهذا يدعي فساد العقد والآخر يدعي صحته وقد سبق حكمه وعلى هذا يقاس ما لو اشترى لبنا فأخذه المشتري في ظرف ثم وجدت فيه فأرة ميتة وتنازعا في نجاسته عند البيع أو عند القبض‏.‏

فرع قال بعتنيه بشرط أنه كاتب وأنكر البائع الشرط فوجهان أصحهما يتحالفان كاختلافهما في الأجل والثاني القول قول البائع كاختلافهما في العيب ولو كان الثمن مؤجلاً فاختلفا في انقضاء الأجل فالأصل بقاؤه‏.‏

 فصل في كيفية التحالف

قاعدته أن يحلف كل واحد على إثبات قوله قول صاحبه وفيمن يبدأ بيمينه طريقان أحدهما البائع وأصحهما أنه على ثلاثة أقوال أظهرها البائع والثاني المشتري والثالث يتساويان وعلى هذا وجهان أصحهما يتخير الحاكم فيبدأ بمن اتفق والثاني يقرع بينهما ولو تحالف الزوجان في الصداق فعلى الطريق الأول يبدأ بالزوج وعلى الثاني إن قدمنا البائع فوجهان أصحهما وأقربهما إلى النص يبدأ بالزوج والثاني بالمرأة وإن قدمنا المشتري فالقياس انعكاس الوجهين ولا يخفى من ينزل منزلة البائع في سائر العقود ثم جميع ما ذكرناه في الاستحباب دون الاشتراط نص عليه الشيخ أبو حامد وصاحبا التتمة و التهذيب وتقديم أحد الجانبين مخصوص بما إذا باع عرضاً بثمن في الذمة فأما إذا تبادلا عرضاً بعرض فلا يتجه إلا التسوية قاله الإمام وينبغي أن يخرج على أن الثمن ماذا‏.‏

فرع المذهب وظاهر النص الاكتفاء بيمين واحدة من كل واحد تجمع النفي والإثبات فيقول البائع ما بعت بخمسمائة وإنما بعت بألف ويقول المشتري ما اشتريت بألف وإنما اشتريت بخمسمائة وفيه قول ضعيف مخرج أنه يحلف أولاً على مجرد النفي فإن اكتفينا بيمين تجمع النفي والإثبات فحلف أحدهما ونكل الآخر قضي للحالف سواء نكل عن النفي والإثبات معا أو عن أحدهما وينبغي أن يقدم النفي على الإثبات لأن النفي هو الأصل وقال الاصطخري يقدم الإثبات لأنه المقصود والصحيح الأول وهذا الخلاف في الاستحباب على الأصح وقيل في الاستحقاق فإذا قلنا بالمخرج إنه يحلف أولا على مجرد النفي فأضاف إليه الإثبات كان لغواً فإذا حلف من ابتدىء به عرضنا اليمين على الآخر فإن نكل حلف الأول يمينا ثانية على الإثبات وقضي له وإن نكل عن الإثبات لم يقض له قال الشيخ أبو محمد ويكون كما لو تحالفا لأن نكول المردود عليه عن يمين الرد نازل في الدعاوى منزلة حلف الناكل أولاً ولو نكل الأول عن يمين النفي أولا حلف الآخر على النفي والإثبات وقضي له ولو حلفا على النفي فوجهان أصحهما وبه قال الشيخ أبو محمد يكفي ذلك ولا حاجة بعده إلى يمين الإثبات لأن المحوج إلى الفسخ جهالة الثمن وقد حصلت والثاني تعرض يمين الإثبات عليهما فإن حلفا تم التحالف وإن نكل أحدهما قضي للحالف والكلام على هذا القول المخرج في تقديم النفي أو الإثبات كما ذكرنا على المذهب فلو نكلا جميعاً فوجهان أحدهما أنه كتحالفهما والثاني يوقف الأمر وكأنهما تركا الخصومة‏.‏

قلت‏:‏ هذان الوجهان ذكرهما إمام الحرمين احتمالين لنفسه وذكر أن أئمة المذهب لم يتعرضوا لهذه المسألة ثم ذكر في آخر كلامه أنه رأى التوقف لبعض المتقدمين وقال الغزالي في البسيط له حكم التحالف على الظاهر والأصح اختيار التوقف والله أعلم‏.‏

 فصل إذا تحالفا

فالصحيح المنصوص أنه لا ينفسخ العقد بمجرد التحالف وفي بعده لم يعد البيع بل لا بد من تجديد عقد وهل ينفسخ في الحال أو نتبين ارتفاعه من أصله وجهان أصحهما الأول لنفوذ تصرفات المشتري قبل الاختلاف وإن قلنا لا ينفسخ دعاهما الحاكم بعد التحالف إلى الموافقة فإن دفع المشتري ما طلبه البائع أجبر عليه البائع وإلا فإن قنع بما قاله المشتري فذاك وإلا فيفسخ العقد وفي من يفسخ وجهان أحدهما الحاكم وأصحهما للعاقدين أيضاً أن يفسخا ولأحدهما أن ينفرد به كالفسخ بالعيب قال الإمام وإذا قلنا الحاكم هو الذي يفسخ فذاك إذا استمرا على النزاع ولم يفسخا أو التمسا الفسخ أما إذا أعرضا عن الخصومة ولم يتفقا على شيء ولا فسخا ففيه تردد ثم إذا فسخ العقد ارتفع في الظاهر وفي ارتفاعه في الباطن ثلاثة أوجه ثالثها إن كان البائع صادقا ارتفع لتعذر وصوله إلى حقه كما لو فسخ بإفلاسه وإن كان كاذبا فلا لتمكنه بالصدق من حقه وهل يجري مثل هذا الخلاف إذا قلنا ينفسخ بمجرد التحالف أم يقطع بالارتفاع باطنا وجهان فإذا قلنا يرتفع باطنا ترادا وتصرف كل واحد فيما عاد إليه وإن منعناه لم يجز لهما التصرف لكن إن كان البائع صادقاً فقد ظفر بمال من ظلمه وهو المبيع الذي استرده فله بيعه بالحاكم على وجه وبنفسه على الأصح ويستوفي حقه من ثمنه وقال الإمام إن صدر الفسخ من المحق فالوجه تنفيذه باطناً وإن صدر من المبطل فالوجه منعه وإن صدر منهما فلا شك في الانفساخ باطناً وليس ذلك موضع الخلاف ويكون كما لو تقابلا وإذا صدر من المبطل ولم ينفذه باطنا فطريق الصادق إنشاء الفسخ إن أراد الملك فيما عاد إليه فرع انفساخ البيع بالتحالف إذا انفسخ البيع بالتحالف أو فسخ لزم المشتري رد المبيع إن كان باقياً بحاله ويبقى له الولد والثمرة والكسب والمهر وإن كان تالفاً لزمه قيمته سواء كانت أكثر من الثمن الذي يدعيه البائع أم لا‏.‏

قلت‏:‏ وفي وجه ضعيف لابن خيران لا يستحق البائع زيادة على ما ادعاه والله أعلم‏.‏

وفي القيمة المعتبرة أوجه وقال الإمام أقوال أصحها قيمة يوم التلف والثاني يوم القبض والثالث أقلها والرابع أكثر القيم من القبض إلى التلف ولو اشترى عبدين فتلف أحدهما ثم اختلفا وتحالف فهل يرد العبد الباقي فيه الخلاف المذكور في مثله إذا وجد الباقي معيباً‏.‏

إن قلنا‏:‏ يرد فيضم قيمة التالف إليه وفي القيمة المعتبرة هذه الأوجه‏.‏

ولو كان المبيع باقياً لكن حدث به عيب رده مع الأرش وهو قدر ما نقص من القيمة لأن الكل مضمون عليه بجميع القيمة فبعضه ببعضها بخلاف ما لو تعيب المبيع في يد البائع واقتضى الحال الأرش يجب جزء من الثمن لأن الكل مضمون على البائع بجميع الثمن فبعضه ببعضه قال الشيخ أبو علي هذا أصل مطرد في المسائل أن ما ضمن كله بالقيمة فبعضه ببعضها كالمغصوب وغيره إلا في صورة‏.‏

وهي لو عجل زكاة ماله فتلف قبل الحول وكان ما عجله تالفا يغرم القابض القيمة ولو كان معيبا ففي الأرش وجهان وقد ذكرنا هذه المسألة في الزكاة وميل الشيخ إلى طرد الأصل فيها‏.‏

ثم التلف قد يكون حكمياً بأن وقف المبيع أو أعتقه أو باعه أو وهبه وأقبضه فتجب القيمة وهذه التصرفات ماضية على الصحة وقال أبو بكر الفارسي نتبين بالتحالف فسادها وترد العين‏.‏

والصحيح الأول والتعيب أيضاً قد يكون حقيقياً وقد يكون حكمياً بأن زوج الأمة فعليه ما بين قيمتها مزوجة وخلية وتعود إلى البائع والنكاح صحيح وعن الفارسي أنه يبطل النكاح ومهما اختلفا في القيمة أو الأرش فالقول قول المشتري‏.‏

ولو كان العبد المبيع قد أبق من يد المشتري حين تحالفا لم يمتنع الفسخ فإن الإباق لا يزيد على التلف ويغرم المشتري قيمته لتعذر حصوله وكذا لو كاتبه كتابة صحيحة وإن رهنه فالبائع بالخيار إن شاء صبر إلى فكاكه وإن شاء أخذ القيمة وإن آجره بني على جواز بيع المستأجر إن منعناه فهو كما لو رهنه وإن جوزناه فللبائع أخذه لكنه يترك عند المستأجر إلى انقضاء المدة والأجرة المسماة للمشتري وعليه للبائع أجرة المثل للمدة الباقية وإن كان آجره للبائع فله أخذه قطعاً وفي انفساخ الإجارة وجهان كما لو باع الدار لمستأجرها‏.‏

إن قلنا لا تنفسخ فعلى البائع الأجرة المسماة للمشتري وعلى المشتري أجرة مثل المدة الباقية للبائع وإذا غرم القيمة في هذه الصور ثم ارتفعالسبب الحائل وأمكن الرد فهل يرد العين ويسترد القيمة يبنى ذلك على أنه قبل ارتفاع الحائل ملك لمن أما الآبق ففيه وجهان أحدهما أنه ملك للمشتري ولا يرد عليه الفسخ كما لا يباع وإنما هو وارد على القيمة وأصحهما أنه في إباقة ملك البائع والفسخ وارد عليه وإنما وجبت القيمة للحيلولة وأما المرهون والمكاتب ففيهما طريقان أحدهما طرد الوجهين وأصحهما القطع ببقاء الملك للمشتري وبه قال الشيخ أبو محمد كما إذا أفلس والمبيع آبق يجوز للبائع الفسخ والرجوع إليه ولو كان مكاتباً أو مرهوناً لم يكن له ذلك وأما المستأجر فإن منعنا بيعه فهل هو كالمرهون أم كالآبق فيه احتمالان للإمام فإن قلنا ببقاء الملك للمشتري فالفسخ وارد على القيمة كما لو تلف فلا رد ولا استرداد وإن قلنا بانقلابه إلى البائع ثبت الرد والاسترداد عند زوال الحيلولة‏.‏

 فصل لو اختلفا ثم حلف كل واحد منهما

بعد التحالف أو قبله العبد لم يكن الأمر كما قال لم يعتق في الحال لأنه ملك المشتري وهو صادق بزعمه فإن عاد العبد إلى البائع بالفسخ أو بغيره عتق عليه لأن المشتري كاذب بزعمه فهو كمن أقر بحريته ثم اشتراه ولا يعتق في الباطن إن كان البائع كاذباً ويعتق على المشتري أن كان صادقاً وولاء هذا العبد موقوف لا يدعيه البائع ولا المشتري ولو صدق المشتري البائع حكم بعتقه عليه ويرد الفسخ إن تفاسخا كما لو رد العبد بعيب ثم قال كنت أعتقته يرد الفسخ ويحكم بعتقه فلو صدق البائع المشتري نظر إن حلف البائع بالحرية أولا ثم المشتري فإذا صدقه البائع بعد يمينه ثم عاد إليه لم يعتق لأنه لم يكذب المشتري بعدما حلف بالحرية حتى يجعل مقراً بعتقه وأن حلف المشتري بحريته أولا ثم حلف البائع وصدقه عتق إذا عاد إليه لأن حلفه بعد حلف المشتري تكذيب له واعتراف بالحرية عليه‏.‏

ولو كانت المسألة بحالها لكن المبيع بعض العبد فإذا عاد إلى ملك البائع عتق ذلك القدر عليه ولم يقوم عليه الباقي لأنه لم يقع العتق بمباشرته‏.‏

 فصل لو جرى العقد بين وكيلين

ففي تحالفهما وجهان لأن فائدة اليمين الإقرار وإقرار الوكيل لا يقبل‏.‏

قلت‏:‏ ينبغي أن يكون الأصح التحالف وفائدته الفسخ أو أن ينكل أحدهما فيحلف الآخر ويقضى له إذا قلنا حلفه مع النكول كالبينة والله أعلم‏.‏

 فصل لو كان المبيع جارية فوطئها المشتري

ثم اختلفا وتحالف فإن كانت ثيباً فلا شيء عليه مع ردها وإن كانت بكراً ردها مع أرش البكارة لأنه نقصان جزء ولو ترافع المتنازعان إلى مجلس الحكم وفي جوازه بعد التحالف وقبل الفسخ وجهان مرتبان وأولى بالتحريم‏.‏

 فصل لو تقايلا أو رد المشتري المبيع

بعد قبض البائع الثمن واختلفا في قدر الثمن فالقول قول البائع مع يمينه لأنه غارم‏.‏

قلت‏:‏ ولو قال البائع بعتك الشجرة بعد التأبير فالثمرة لي فقال المشتري بل قبله فلي فالقول قول البائع كأن الأصل بقاء ملكه ولو اشترى عبدين فتلف أحدهما ووجد بالآخر عيباً فرده وقلنا يجوز رد أحدهما فاختلفا في قيمة التالف فالقول قول البائع على الأظهر لأنه ملك الثمن فلا يزال ملكه إلا عما يقر به والثاني قول المشتري كالغارم وذكر في التتمة وجها أنهما إذا اختلفا في صفة البيع لا يتحالفان بل القول قول البائع لأن الصفة المشروطة تلحقه بالعيب فصار كدعواه عيباً ولو اختلفا في وقت وجود العيب كان القول قول البائع والصحيح أنهما يتحالفان كما سبق وبه قطع الأصحاب‏.‏

قال في التتمة‏:‏ ولو اختلفا في انقضاء الأجل حكي عن نصه أن القول قول البائع قال أصحابنا صورة المسألة في السلم لأن الأجل في السلم حق البائع فإذا ادعى المسلم انقضاءه فقد ادعى استحقاق مطالبة والبائع المسلم إليه ينكرها فالقول قوله ولأن اختلافهما في انقضاء الأجل مع اتفاقهما على قدره اختلاف في تاريخ العقد فكان المسلم يدعي وقوعه في شهر والمسلم إليه ينكره فلو اختلفا في أصل العقد كان القول قول منكره فكذا هنا وأما في باب الشراء الأجل حق المشتري فالقول قوله لما ذكرنا من العلتين فلو باع شيئاً ومات فظهر أن المبيع كان لابن الميت فقال المشتري باعه عليك أبوك في صغرك لحاجة وصدقه الابن أن الأب باعه في صغره لكن قال لم يبعه علي بل باعه لنفسه متعدياً قال الغزالي في الفتاوى القول قول المشتري لأن الأب نائب الشرع فلا يتهم إلا بحجة كما لو قال اشتريت من وكيلك فقال هو وكيلي ولكن باع لنفسه فالقول قول المشتري والله أعلم‏.‏

 كتاب السلم

يقال‏:‏ السلم والسلف ولفظة السلف تطلق أيضاً على القرض ويشترك السلم والقرض في أن كلا منهما إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال وذكروا في تفسير السلم عبارات متقاربة‏.‏

منها‏:‏ أنه عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً‏.‏

وقيل إسلام عوض حاضر في موصوف في الذمة وقيل‏:‏ إسلاف عاجل في عوض لا يجب تعجيله ثم السلم بيع كما سبق ويختص بشروط‏.‏

فلو تفرقا قبل قبضه بطل العقد‏.‏

ولو تفرقا قبل قبض بعضه بطل فيما لم يقبض وسقط بقسطه من المسلم فيه والحكم في المقبوض كمن إشترى شيئين نتلف أحدهما قبل القبض‏.‏

ولا يشترط تعيين رأس المال عند العقد بل لو قال أسلمت إليك ديناراً في ذمتي في كذا ثم عين وسلم في المجلس جاز وكذلك في الصرف لو باع ديناراً بدينار أو بدراهم في الذمة عين وسلم في المجلس‏.‏

ولو باع طعاماً بطعام في الذمة ثم عين وسلم في المجلس فوجهان أصحهما عند الأصحاب الجواز والثاني المنع لأن الوصف فيه يطول بخلاف الصرف فلو قبض رأس المال ثم أودعه عند المسلم فبل التفرق جاز‏.‏

ولو رده اليه عن دين قال أبو العباس الروياني لا يصح لأنه تصرف قبل إنبرام ملكه فإذا تفرقا فعن بعض الأصحاب أنه يصح السلم لحصول القبض وانبرام الملك ويستأنف إقباضه للدين ولو كان له في ذمة رجل دراهم فقال أسلمت إليك الدراهم التي لي في ذمتك في كذا فإن أسلم مؤجلاً أو حالاً ولم يقبض المسلم فيه قبل التفرق فهو باطل وكذا إن أحضره و سلمه في المجلس على الأصح وأطلق صاحب التتمة الوجهين في أن تسليم المسلم فيه في المجلس وهو حال هل يغني عن تسليم رأس المال والأصح المنع‏.‏

لا يجوز أن يحيل المسلم برأس المال على رجل وإن قبضه إليه من الرجل في المجلس فلو قال للمحال عليه سلمه إليه ففعل لم يكف لصحة السلم لأن الإنسان في إزالة ملكه لا يصير وكيلا لغيره لكن يصير المسلم إليه وكيلا عن المسلم في قبض ذلك ثم السلم يقتضي قبضاً آخراً لا يصح قبضه من نفسه ولو أحال المسلم إليه برأس المال على المسلم فتفرقا قبل التسليم بطل العقد وإن جعلنا الحوالة قبضا لأن المعتبر في السلم القبض الحقيقي‏.‏

ولو أحضر رأس المال فقال المسلم إليه سلمه إليه ففعل صح ويكون المحتال وكيلا عن المسلم إليه في القبض‏.‏

فرع لو كان رأس المال دراهم في الذمة فصالح عنها على المال وإن قبض ما صالح عليه ولو كان عبدا فأعتقه المسلم إليه قبل القبض لم يصح إن لم يصحح إعتاق المشتري قبل القبض وإلا فوجهان‏.‏

والفرق أنه لو نفذ لكان قبضاً حكماً ولا يكفي ذلك في السلم فإن صححنا متفرقاً قبل قبضه بطل العقد وإلا فيصح‏.‏

وفي نفوذ العتق وجهان‏.‏

متى فسخ السلم بسبب يقتضيه وكان رأس المال معيناً في العقد وهو باق رجع المشتري بعينه وإن كان تألفا رجع إلى بدله وهو المثل في المثلي والقيمة في غيره وإن كان موصوفاً في الذمة وعين في المجلس وهو باق فهل له المطالبة بعينه أم للمسلم إليه الإبدال وجهان أصحهما الأول‏.‏

فرع لو وجدنا رأس المال في يد المسلم إليه فقال المسلم أقبضتكه بعد التفرق وقال بل قبله وأقام كل واحد بينة على قوله فبينة المسلم اليه أولى حكي ذلك عن ابن سريج‏.‏

فرع إذا كان رأس المال في الذمة اشترط معرفة قدره وذكر صفته إن كان عوضاً فإن كان معينا وهو مثلي فهل تكفي معاينته أم لا بد من ذكر صفته وقدره كيلا في المكيل ووزناً في الموزون وذرعاً في المذروع قولان‏.‏

أظهرهما‏:‏ الأول وقيل إن كان حالا كفت قطعاً والمذهب طرد القولين فيهما وإن كان متقوماً و ضبطت صفاته بالمعاينة ففي اشتراط معرفة قيمته طريقان قطع الأكثرون بعدم الإشتراط وهو المذهب وقيل بطرد القولين ولا فرق على القولين بين السلم الحال والمؤجل على المذهب وقيل القولان في المؤجل فأما الحال فتكفي فيه المعاينة قطعاً كما في البيع ثم موضع القولين إذا تفرقا قبل العلم بالقدر والقيمة فلو علما ثم تفرقا صح بلا خلاف‏.‏

وبنى كثير من الأصحاب على هذين القولين أنه هل يجوز أن يجعل رأس المال يجوز السلم فيه كالجوهرة إن قلنا بالأظهر جاز وإلا فلا قال الإمام وليس هو على هذا الاطلاق بل الجوهرة المثمنة إذا عرفا قيمتها وبالغا في وصفها وجب أن يجوز جعلها رأس مال منع السلم فيه سببه عزة الموجود ولا معنى لاشتراط عموم الوجود في رأس المال وإذا جوزنا السلم ورأس المال جزاف واتفق فسخ وتنازعا في قدره فالقول قول المسلم إليه لأنه غارم‏.‏

قلت‏:‏ إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير حمل على غالب نقد البلد فلو استوت لم يصح حتى يبين كالثمن في البيع والله أعلم‏.‏

الشرط الثاني‏:‏ كون المسلم فيه ديناً فلو استعمل لفظ السلم في العين فقال أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد فليس هذا سلماً وفي إنعقاده بيعا قولان أظهرهما لا لاختلال لفظه ولو قال بعتكه بلا ثمن أو لا ثمن لي عليك فقال إشتريت وقبضه فهل يكون هبة فيه مثل هذين القولين وهل يكون المقبول مضموناً وجهان ولو قال بعتك هذا ولم يتعرض للثمن أصلا لم يكن تمليكاً على المذهب والمقبوض مضمون وقيل فيه الوجهان ولو أسلم بلفظ الشراء فقال اشتريت طعاماً أو ثوبا صفته كذا بهذه الدراهم فقال بعتك انعقد وهل هو سلم اعتباراً بالمعنى أم بيع اعتباراً بلفظه وجهان أصحهما الثاني فعلى هذا لا يجب تسليم الدراهم في المجلس ويثبت فيه خيار الشرط وفي جواز الإعتياض عن الثوب قولان كما في الثمن‏.‏

ومنهم من قطع بالمنع‏.‏

وإن قلنا الاعتبار بالمعنى وجب تسليم الدراهم في المجلس ولم يثبت فيه خيار الشرط ولم يجز الاعتياض عن الثوب‏.‏

ولو قال اشتريت ثوباً صفته كذا في ذمتك بعشرة دراهم في ذمتي فإن جعلناه سلماً وجب تعيين الدراهم وتسليمها في المجلس‏.‏

وإن قلنا بيع لم يجب‏.‏

 فصل يصح السلم الحال كالمؤجل

فان صرح بحلول أو تأجيل فذاك وإن أطلق فوجهان وقيل قولان أصحهما عند الجمهور يصح ويكون حالا والثاني لا ينعقد‏.‏

ولو أطلقا العقد ثم ألحقا به أجلاً في المجلس فالنص لحوقه وهو المذهب ويجيء فيه الخلاف السابق في سائر الإلحاقات‏.‏

فرع الشرط المفسد للعقد إذا حذفاه في المجلس هل ينحذف وينقلب العقد صحيحاً وجهان الصحيح الذي عليه الجمهور لا وفي وجه لو حذفا الأجل المجهول في المجلس انقلب العقد صحيحاً واختلفوا في جريان هذا الوجه في سائر المفسدات كالخيار والرهن الفاسدين وغيرهما قال الإمام الأصح تخصيصه بالأجل واختلفوا في أن زمن الخيار المشروط هل يلحق بالمجلس في حذف الأجل المجهول تفريعاً على هذا الوجه الضعيف والأصح أنه لا يلحق به‏.‏

 فصل إذا أسلم مؤجلاً اشترط كونه معلوماً

فلا يجوز توقيته بما يختلف كالحصاد وقدوم الحاج ولو قال إلى العطاء لم يصح إن أراد وصوله فان أراد وقت خروجه وقد عين السلطان له وقتاً جاز بخلاف ما إذا قال إلى وقت الحصاد إذ ليس له وقت معين ولو قال إلى الشتاء أو الصيف لم يجز إلا أن يريد الوقت ولنا وجه شاذ قاله ابن خزيمة من أصحابنا أنه يجوز التوقيت باليسار‏.‏

فرع التوقيت بشهور الفرس والروم جائز كشهور العرب لأنها معلومة وكذا التوقيت بالنيروز والمهرجان جائز وفي وجه لا يصح قال الإمام لأنهما يطلقان على الوقتين اللذين تنتهي الشمس فيهما إلى أوائل برجي الحمل والميزان وقد يتفق ذلك ليلا ثم ينحبس مسير الشمس كل سنة قدر ربع يوم وليلة‏.‏

ولو وقت بفصح النصارى نص الشافعي رضي الله عنه أنه لا يصح فقال بعض أصحابه بظاهره اجتناباً لمواقيت الكفار وقال جمهور الأصحاب إن اختص بمعرفته الكفار لم يصح لأنه لا اعتماد على قولهم وإن عرفه المسلمون جاز كالنيروز‏.‏

ثم اعتبر جماعة فيهما معرفة المتعاقدين وقال أكثر الأصحاب يكفي معرفة الناس وسواء اعتبرنا معرفتهما أم لا فلو عرفا كفى على الصحيح وفي وجه يشترط معرفة عدلين من المسلمين سواهما لأنهما قد يختلفان فلا بد من مرجع وفي معنى الفصح سائر أعياد أهل الملل كفطير اليهود ونحوه‏.‏

قلت الفصح بكسر الفاء وإسكان الصاد والحاء المهملتين وهو عيد لهم معروف وهو لفظ عربي والفطير عيد اليهود ليس عربيا وقد طرد صاحب الحاوي الوجه في الفصح في شهور الفرس وشهور الروم والله أعلم‏.‏

فرع لو وقتا بنفر الحجيج وقيدا بالأول أو الثاني جاز وإن أطلقا فوجهان أحدهما لا يصح والأصح المنصوص صحته ويحمل على النفر الأول لتحقق الاسم به ويجري الخلاف في التوقيت بشهور ربيع أو جمادي أو العيد ولا يحتاج إلى تعيين السنة إذا حملنا المذكور على الأول وفي الحاوي وجه أن التوقيت بالنفر الأول أو الثاني لا يجوز لغير أهل مكة لأن أهل مكة يعرفونه دون غيرهم وذكر وجهين في التوقيت بيوم القر لأهل مكة لأنه لا يعرفه إلا خواصهم وهذا الذي قاله ضعيف لأنا إن اعتبرنا علم العاقدين فلا فرق وإلا فهي مشهورة في كل ناحية عند الفقهاء وغيرهم‏.‏

قلت يوم القر بفتح القاف وتشديد الراء وهو الحادي عشر من ذي الحجة سمي به لأنهم يقرون فيه بمنى وينفرون بعده النفرين في الثاني عشر والثالث عشر وهذا الوجه الذي ذكره في الحاوي قوي ودعوى الإمام الرافعي رحمه الله شهرته عند غير الفقهاء ومن في معناهم لا تقبل بل ربما لا يعرف القر كثير من المتفقهين والله أعلم‏.‏

فرع لو أجلا إلى سنة أو سنين مطلقة حمل على الهلالية فان قيد بالرومية أو الفارسية أو الشمسية أو العددية وهي ثلاثمائة وستون يوما تقيد وكذا مطلق الأشهر محمول على الأشهر الهلالية ثم إن جرى العقد في أول الشهر اعتبر الجميع بالأهلة تامة كانت أو ناقصة وإن جرى بعد مضي بعض الشهر عد باقيه بالأيام واعتبرت الشهور بعده بالأهلة ثم يتمم المنكسر بثلاثين وفيه وجه أنه إذا انكسر شهراً اعتبر جميع الشهور بالعدد وضرب الإمام مثلا للتأجيل بثلاثة أشهر مع الانكسار فقال عقدا وقد بقي من صفر لحظة ونقص الربيعان وجمادى فيحسب الربيعان بالأهلة ويضم جمادى إلى اللحظة من صفر ويكمل جمادى الآخرة بيوم إلا لحظة ثم قال الإمام كنت أود أن يكتفي في هذه الصورة بالأشهر الثلاثة فإنها جرت عربية كوامل وما تمناه الإمام هو الذي نقله صاحب التتمة وغيره وقطعوا بحلول الأجل بانسلاخ جمادى الأولى قالوا وإنما يراعى العدد إذا عقد في غير اليوم الأخير وهذا هو الصواب‏.‏

فرع لو قال إلى يوم الجمعة أو إلى رمضان حل بأول جزء منه لتحقق الاسم وربما يقال بانتهاء ليلة الجمعة وبانتهاء شعبان وهما بمعنى ولو قال محله في الجمعة أو في رمضان فوجهان أصحهما لا يصح العقد لأنه جعل اليوم ظرفا فكأنه قال في وقت من أوقاته والثاني يصح ويحمل على الأول‏.‏

قلت كذا قاله جمهور الأصحاب إذا قال في يوم كذا أو شهر كذا أو سنة كذا لا يصح على الأصح وسووا بينهما وحكى الطبري في العد وجها أنه يصح في يوم كذا دون الشهر وجعل صاحب الحاوي هذه الصور على مراتب فقال من الأصحاب من قال يبطل في السنة دون الشهر قال فأما اليوم فالصحيح فيه الجواز لقرب ما بين طرفيه والأصح المعتمد قدمناه والله أعلم‏.‏

ولو قال إلى أول رمضان أو آخره بطل كذا قاله الأصحاب لأنه يقع على جميع النصف الأول أو الأخير قال الإمام والبغوي ينبغي أن يصح ويحمل على الجزء الأول من كل نصف كمسألة النفر وكاليوم والشهر يحمل على أولهما وكتعليق الطلاق‏.‏

فرع لو أسلم في جنس إلى أجلين أو جنسين إلى أجل‏.‏

الشرط الثالث القدرة على التسليم وهذا الشرط ليس من خواص السلم بل يعم كل بيع كما سبق وإنما تعتبر القدرة على التسليم عند وجوبه وذلك في البيع والسلم الحال في الحال وفي السلم المؤجل عند المحل فلو أسلم في منقطع لدى المحل كالرطب في الشتاء أو فيما يعز وجوده كالصيد حيث يعز لم يصح فلو غلب على الظن وجوده لكن لا يحصله إلا بمشقة عظيمة كالقدر الكثير في ولو أسلم في شيء لا يوجد ببلده ويوجد في غيره قال الإمام إن كان قريبا منه صح وإلا فلا قال ولا تعتبر فيه مسافة القصر وإنما التقريب فيه أن يقال إن كان يعتاد نقله إليه في غرض المعاملة لا للتحف والمصادرات صح السلم وإلا فلا‏.‏

ولو كان المسلم فيه عام الوجود عند المحل فلا بأس بانقطاعه قبله وبعده وإن أسلم فيما يعم ثم انقطع عند المحل لجائحة فقولان أحدهما ينفسخ العقد وأظهرهما لا بل يتخير المسلم فإن شاء فسخ وإن شاء صبر إلى وجوده‏.‏

ولا فرق في جريان القولين بين أن لا يوجد عند المحل أصلا أو وجد فسوف المسلم إليه حتى انقطع وقيل القولان في الحالة الأولى‏.‏

أما الثانية فلا ينفسخ فيها قطعا بحال فإن أجاز ثم بدا له مكن من الفسخ كزوجة المولى إذا رضيت ثم أرادت المطالبة كان لها ذلك‏.‏

قلت هذا هو الصحيح وذكر صاحب التتمة في باب التفليس وجهين في أن هذا الخيار على الفور أم لا كالوجهين في خيار من ثبت له الرجوع في المبيع بالإفلاس والله أعلم‏.‏

ولو صرح بإسقاط حق الفسخ لم يسقط على الأصح‏.‏

ولو قال‏:‏ المسلم إليه لا تصبر وخذ رأس مالك لم يلزمه على الصحيح‏.‏

ولو حل الأجل بموت المسلم إليه في أثناء المدة والمسلم فيه معدوم جرى القولان وكذا لو كان موجودا عند المحل وتأخر التسليم لغيبة أحد المتعاقدين ثم حضر وقد انقطع بعض المسلم فيه فقد ذكرنا حكمة في باب تفريق الصفقة‏.‏

ولو أسلم فيما يعم عند المحل فعرضت آفة علم بها انقطاع الجنس عن المحل فهل يتنجز حكم الانقطاع في الحال أم يتأخر إلى المحل وجهان أصحهما الثاني‏.‏

فرع فيما يحصل به الانقطاع فإذا لم يوجد المسلم فيه أصلاً بأن ذلك الشيء ينشأ بتلك البلدة فأصابه جائحة مستأصلة فهذا انقطاع حقيقي‏.‏

ولو وجد في غير ذلك البلد لكن يفسد بنقله أو لم إلا عند قوم امتنعوا من بيعه فهو انقطاع‏.‏

ولو كانوا يبيعونه بثمن غال فليس بانقطاع بل يجب تحصيله‏.‏

ولو أمكن نقله وجب إن كان قريباً‏.‏

وفيما يضبط به القرب خلاف نقل فيه صاحب التهذيب في آخرين وجهين أصحهما يجب نقله مما دون مسافة القصر والثاني من مسافة لو خرج إليها بكرة أمكنه الرجوع إلى أهله ليلا وقال الإمام لا اعتبار لمسافة القصر فإن أمكن النقل على عسر فالأصح أنه لا ينفسخ قطعا الشرط الرابع بيان محل التسليم في اشتراط بيان مكان تسليم المسلم فيه المؤجل اختلاف نص وطرق الأصحاب‏.‏

أحدها فيه قولان مطلقان والثاني إن عقدا في موضع يصلح للتسليم لم يشترط التعيين وإلا اشترط والثالث إن كان لحمله مؤنة اشترط وإلا فلا والرابع إن لم يصلح الموضع اشترط وإلا فقولان والخامس إن لم يكن لحمله مؤنة لم يشترط وإلا فقولان والسادس إن كان له مؤنة اشترط وإلا فقولان قال‏:‏ الإمام هذا اصح الطرق وهو اختيار القفال‏.‏

والمذهب الذي يفتى به من هذا كله وجوب التعيين إن لم يكن الموضع صالحاً أو كان لحمله مؤنة وإلا فلا ومتى شرطنا التعيين فتركاه بطل العقد وإن لم نشرطه فعين تعين وعند الطلاق يحمل على مكان العقد على الصحيح وفي التتمة إذا لم يكن لحمله مؤنة سلمه في أي موضع صالح شاء وحكى وجهاً أنه إذا لم يكن الموضع صالحاً للتسليم حمل على أقرب موضع صالح ولو عين موضعا فخرب وخرج عن صلاحية التسليم فأوجه‏.‏

أحدها يتعين ذلك الموضع والثاني لا وللمسلم الخيار والثالث يتعين أقرب موضع صالح‏.‏

قلت الثالث أقيسها والله أعلم‏.‏

وأما السلم الحال فلا يشترط فيه التعيين كالبيع ويتعين موضع العقد للتسليم لكن لو عينا غيره جاز بخلاف البيع لأن السلم يقبل التأجيل فقبل شرطا يتضمن تأخير التسليم والأيمان لا تحتمل التأجيل فلا تحتمل ما يتضمن تأخير التسليم قال‏:‏ في التهذيب ولا نعني بمكان العقد ذلك الموضع بعينه بل تلك الناحية وحكم الثمن في الذمة حكم المسلم فيه وإن كان معيناً فهو كالمبيع‏.‏

قلت‏:‏ قال في التتمة الثمن في الذمة والأجرة إذا كانت ديناً وكذا الصداق وعوض الخلع والكتابة ومال الصلح عن دم العمد وكل عوض ملتزم في الذمة له حكم السلم في الحال إن عين للتسليم مكان جاز وإلا تعيين موضع العقد لأن كل الأعواض الملتزمة في الذمة تقبل التأجيل كالمسلم فيه‏.‏

والله أعلم‏.‏

الشرط الخامس العلم بالمقدار والعلم يكون بالكيل أو الوزن أو الذرع أو العد ويجوز السلم في المكيل وزناً وفي الموزون كيلا إذا تأتى كيله‏.‏

وفي وجه ضعيف لا يجوز في الموزون كيلاً وحمل إمام الحرمين إطلاق الاصحاب جواز كيل الموزون على ما يعد الكيل في مثله ضابطاً حتى لو أسلم في فتات المسك والعنبر ونحوهما كيلا لم يصح‏.‏

وأما البطيخ والقثاء والبقول والسفرجل والرمان والباذنجان والرانج والبيض فالمعتبر فيها الوزن‏.‏

ويجوز السلم في الجوز واللوز وزنا إذا لم تختلف قشوره غالباً ويجوز كيلاً على الأصح وكذا الفستق والبندق لا يجوز السلم في البطيخة والسفرجلة ولا في عدد منها لأنه إلى ذكر حجمها ووزنها وذلك يورث عزة الوجود‏.‏

وكذا لو أسلم في ثوب وصفه وقال‏:‏ وزنه كذا أو في مائة صاع حنطة على أن وزنها كذا لا يصح لما ذكرنا ولو ذكر وزن الخشب مع صفاته المشروطة جاز لأنه إن زاد أمكن نحته وأما اللبن فيجمع فيه بين العدد والوزن فيقول كذا لبنة وزن كل واحدة كذا لأنه باختياره فلا يعز ثم الأمر فيها على التقريب‏.‏

قلت هكذا قال‏:‏ أصحابنا الخراسانيون يشترط في اللبن الجمع بين العدد والوزن ولم يعتبر العراقيون أو معظمهم الوزن‏.‏

ونص الشافعي رضي الله عنه في آخر كتاب السلم من الأم على أن الوزن فيه مستحب لو تركه فلا بأس لكن يشترط أن يذكر طوله وعرضه وثخانته وأنه من طين معروف والله أعلم‏.‏

فرع لو عين للكيل مالا يعتاد الكيل به كالكوز بطل السلم‏.‏

ولو قال في البيع بعتك ملء هذا الكوز من هذه الصبرة جاز على الأصح لعدم الغرر‏.‏

ولو عين في البيع أو السلم مكيالا معتاد لم يفسد العقد على الأصح بل يلغو تعيينه كسائر الشروط التي لا غرض فيها‏.‏

وهل السلم الحال كالمؤجل أم كالبيع وجهان قطع الشيخ أبو حامد بأنه كالمؤجل لأن الشافعي رضي الله عنه قال لو أصدقها ملء هذه الجرة خلا لم يصح لأنها قد تنكسر فلا يمكن التسليم فكذا هنا‏.‏

ولو قال أسلمت إليك في ثوب كهذا الثوب أو مائة صاع حنطة كهذه الحنطة قال العراقيون لا يصح كمسألة الكوز لأن هذه الحنطة والثوب قد يتلفان وقال في التهذيب يصح ويقوم مقام الوصف‏.‏

ولو أسلم في ثوب وصفه ثم أسلم في ثوب آخر بتلك الصفة جاز إن كانا ذاكرين لتلك الأوصاف ‏.‏

فرع الإسلام في حنطة قرية صغيرة لو أسلم في حنطة قرية صغيرة بعينها أو ثمرة بستان بعينه يصح‏.‏

وإن أسلم في ثمرة ناحية أو قرية كبيرة نظر إن أفاد تنويعاً كمعقلي البصرة جاز لأنه مع معقلي بغداد صنف واحد لكن يختلفان في الأوصاف فله غرض في ذلك‏.‏

وإن لم يفد تنويعاً فوجهان‏:‏ الشرط السادس معرفة الأوصاف فذكر أوصاف المسلم فيه في العقد شرط فلا يصح السلم فيما لا ينضبط أوصافه أو كانت تنضبط فتركا بعض ما يجب ذكره‏.‏

ثم من الأصحاب من يشترط التعرض للأوصاف التي يختلف بها الغرض ومنهم من يعتبر الأوصاف التي تختلف بها القيمة‏.‏

ومنهم من يجمع بينهما وليس شيء منها على إطلاقه فان كون العبد قوياً في العمل أو ضعيفاً أو كاتباً أو أمياً وما أشبه ذلك أوصاف يختلف بها الغرض والقيمة ولا يجب التعرض لها ولتعذر الضبط أسباب منها الاختلاط والمختلطات أربعة أنواع‏.‏

الأول المختلطات المقصودة الأركان ولا ينضبط أقدار أخلاطها وأوصافها كالهريسة ومعظم المرق والحلوى والمعجونات والغالية المركبة من المسك والعود والعنبر والكافور والقسي فلا يصح السلم فيها ولا يجوز في الخفاف والنعال على الصحيح والترياق المخلوط كالغالية فان كان نباتا واحدا أو حجرا جاز السلم فيه والنيل بعد الخرط والعمل عليه لا يجوز السلم فيه وقبلهما يجوز والمغازل كالنبال‏.‏

الثاني‏:‏ المختلطات المقصودة الأركان التي تنضبط أقدارها وصفاتها كثوب العتابي والخز المركب من الابريسم والوبر ويجوز السلم فيها على الصحيح المنصوص لسهولة ضبطها ويجري الوجهان في الثوب المعمول عليه بالابرة بعد النسج من غير جنس الاصل كالابريسم على القطن والكتان فان كان تركيبها بحيث لا تنضبط أركانها فهي كالمعجونات‏.‏

الثالث‏:‏ المختلطات التي لا يقصد منها إلا الخليط الواحد كالخبز فيه الملح لكنه غير مقصود في نفسه وفي السلم فيه وجهان أصحهما عند الجمهور لا يصح وأصحهما عند الإمام والغزالي الصحة ويجوز السلم في الجبن والأقط وخل التمر والزبيب والسمك الذي عليه شيء من الملح على الأصح في الجميع لحقارة أخلاطها وأما الأدهان المطيبة كدهن البنفسج والبان الورد فان خالطها شيء من جرم الطيب لم يجز السلم فيها وإن تروح السمسم بها واعتصر جاز ولا يجوز في المخيض الذي يخالطه الماء نص عليه وفي التتمة أن المصل كالمخيض لأنه يخالطه الدقيق‏.‏

الرابع المختلطات خلقة كالشهد والأصح صحة السلم فيه والشمع فيه كنوى التمر ويجوز في العسل والشمع فرع سبق أن ما يندر وجوده لا يجوز السلم فيه والشيء قد حيث جنسه كلحم الصيد في غير موضعه وقد يندر باستقصاء الأوصاف لندور اجتماعها فلا يجوز السلم في اللإلىء الكبار واليواقيت والزبرجد والمرجان ويجوز في اللإلىء الصغار إذا عم وجودها كيلاً ووزناً‏.‏

قلت‏:‏ هذا مخالف لما تقدم في الشرط الخامس عن إمام الحرمين أن مالا يعد الكيل فيه ضبطاً لا يصح السلم فيه كيلا فكأنه اختار هنا ما تقدم من إطلاق الأصحاب والله أعلم‏.‏

واختلف في ضبط الصغير فقيل ما يطلب للتداوي صغير وما طلب للزينة كبير وعن الشيخ أبي محمد أن ما وزنه سدس دينار يجوز السلم فيه وإن كان يطلب للتزين والوجه أن اعتباره السدس للتقريب‏.‏

فرع أسلم في الجارية وولدها لو أسلم في الجارية وولدها أو أختها أو عمتها أو شاة لم يصح لندور اجتماعهما بالصفات هكذا أطلقه الشافعي رضي الله عنه والأصحاب‏.‏

وقال الإمام لا يمتنع ذلك في الزنجية التي لا تكثر صفاتها وتمتنع فيمن تكثر‏.‏

ولو أسلم في عبد وجارية وشرط كونه كاتباً وهي ماشطة جاز ولو أسلم في الجارية وشرط كونها حاملاً بطل السلم في المذهب وقيل قولان بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا إن قلنا

 فصل يجوز السلم في الحيوان

وهو أنواع منها الرقيق فاذا أسلم فيه وجب التعرض لأمور‏.‏

أحدها النوع فيذكر أنه تركي أو رومي فان اختلف صنف النوع وجب ذكره على الأظهر‏.‏

الثاني اللون فيذكر انه أبيض أو أسود ويصف البياض بالسمرة أو الشقرة والسواد بالصفاء أو الكدرة هذا إن اختلف لون الصنف فان لم يختلف لم يجب ذكر اللون‏.‏

الثالث الذكورة والأنوثة‏.‏

الرابع السن فيقول محتلم أو ابن ست أو سبع والأمر في السن على التقريب حتى لو شرط كونه ابن سبع سنين مثلا بلا زيادة ولا نقصان لم يجز لندوره والرجوع في الاحتلام إلى قول العبد‏.‏

وفي السن يعتمد قوله إن كان بالغا وقول سيده إن ولد في الإسلام وإلا فالرجوع إلى النخاسين فتعتبر ظنونهم‏.‏

الخامس القد فيبين أنه طويل أو قصير أو ربع ونقل الإمام عن العراقيين إنه لا يجب ذكر القد والموجود في كتب العراقيين القطع بوجوبه ولا يشترط وصف كل عضو على حياله بأوصافه المقصودة وإن تفاوت به الغرض والقيمة لأن ذلك يورث غرة وفي ذكر الأوصاف التي يعتبرها أهل الخبرة ويرغب في الأرقاء كالكحل والدعج وتكلثم الوجه وسمن الجارية وما أشبهها وجهان أحدهما يجب قاله الشيخ أبو محمد وأصحهما لا‏.‏

والأصح أنه لا يشترط ذكر الملاحة ويستحب أن يذكر كونه مفلج الأسنان أو غيره وجعد الشعر أو سبطه ويجب ذكر الثيابة والبكارة على الأصح‏.‏

فرع لو شرط كون العبد يهودياً أو نصرانياً جاز قال الصيمري ولو شرط أنه ذو زوجة أو أنها ذات زوج جاز وزعم أنه لا يندر قال ولو شرط كونه زانياً أو قاذفاً أو سارقاً جاز بخلاف ما لو شرط كون الجارية مغنية أو قوادة لايصح‏.‏

فرع لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة فوجهان قال أبو إسحاق لا يجوز لأنها قد تكبر وهي بالصفة المشروطة فيسلمها بعد أن يطأها فيكون في معنى اقتراض الجواري والصحيح الجواز كإسلام صغار الإبل في كبارها وهل يمكن من تسليمها عما عليه وجهان فان قلنا يمكن فلا مبالاة بالوطء كوطء الثيب وردها بالعيب‏.‏

ومنها الإبل ويجب فيها ذكرالأنوثة والذكورة والسن واللون والنوع فيقول من نعم بني فلان ونتاجهم هذا إذا كثر عددهم وعرف لهم النتاج كبني تميم فأما النسبة إلى طائفة يسيرة فكتعين ثمرة بستان ولو اختلف نعم بني فلان فالأظهر أنه يشترط التعيين ومنها الخيل فيجب ذكر ما يجب في الإبل ولو ذكر معها الشيات كالأغر والمحجل واللطيم كان أولى فإن تركه جاز وهكذا القول في البقر والغنم والبغال والحمير وما لا يبين نوعه بالإضافة إلى قوم يبين بالإضافة إلى بلد وغيره ويجوز السلم في الطيور على الصحيح وبه قطع الجماهير وفي المهذب لايجوز فان جوزناه وصف منها النوع والصغر والكبر من حيث الجثة ولا يكاد يعرف سنها فان عرف وصف به ويجوز السلم في السمك والجراد حيا وميتا عند عموم الوجود ويوصف كل جنس من الحيوان بما يليق به‏.‏

 فصل السلم في اللحم جائز

ويجب فيه بيان أمور‏.‏

حدها الجنس كلحم بقر أو غنم‏.‏

الثاني‏:‏ النوع فيقول لحم بقر عراب أو جواميس وضأن أو معز‏.‏

الثالث‏:‏ ذكر أو أنثى خصي أو فحل‏.‏

الخامس‏:‏ يبين أنه من راعية أو معلوفة قال الإمام ولا أكتفي بالعلف بالمرة والمرات حتى ينتهي إلى مبلغ يؤثر في اللحم‏.‏

السادس‏:‏ يبين أنه من الفخد أو الكتف أو الجنب وفي كتب العراقيين أمر سابع وهو بيان السمن والهزال ولا يجوز شرط الأعجف لأنه عيب وشرطه مفسد للعقد ويجوز في اللحم المملح والقديد إذا لم يكن عليه غير المملح فإن كان فقد سبق الخلاف في جوازه في نظيره ثم إذا أطلق السلم في اللحم وجب قبول ما فيه من العظم على العادة وإن شرط نزعه جاز ولم يجب قبوله‏.‏

فرع يجوز السلم في الشحم والألية والكبد والطحال والكلية والرئة‏.‏

فرع إذا أسلم في لحم صيد ذكر ما يجب في سائر اللحوم لكن الصيد لا يكون خصياً ولا معلوفاً فلا يجب ذكر هذين الأمرين‏.‏

قال الشيخ أبو حامد والمقتدون به يبين أنه صيد بأحبولة أو بسهم أو بجارحة وأنها كلب أو فهد فرع في لحم الطير والسمك يبين الجنس والنوع والصغر والكبر من حيث الجثة ولا يشترط ذكر الذكورة والأنوثة إلا إذا أمكن التمييز وتعلق به غرض ويبين موضع اللحم إذا كان الطير والسمك كبيرين ولا يلزمه قبول الرأس والرجل من الطير والذنب من السمك‏.‏

 فصل لا يجوز السلم في اللحم المطبوخ والمشوي

ولا في الخبز على كما سبق وفي الدبس والعسل المصفى بالنار والسكر والفانيذ واللبأ وجهان واستبعد الإمام المنع فيها كلها‏.‏

قلت وممن اختار الصحة في هذه الأشياء الغزالي وصاحب التتمة والله أعلم‏.‏

وتردد صاحب التقريب في السلم في الماء ورد لاختلاف تأثير النار فيما يتصعد ويقطر ولا عبرة بتأثير الشمس فيجوز السلم في العسل المصفى بالشمس‏.‏

فرع لا يجوز السلم في رؤوس الحيوان على الأظهر والأكارع كالرؤوس‏.‏

فإن جوزنا فله ثلاثة شروط أن تكون نيئة وأن تكون منقاة من الشعر والصوف ويسلم فيها وزنا فان فقد شرط لم يجز قطعاً

 فصل يذكر في التمر النوع

فيقول معقلي أو برني والبلد فيقول بغدادي واللون وصغر الحبات وكبرها وكونه جديدا أو عتيقاً والحنطة وسائر الحبوب كالتمر وفي الرطب يذكر جميع ذلك إلا الجديد والعتيق قال في الوسيط يجب ذكر ذلك في الرطب دون الحنطة والحبوب وهو خلاف ما عليه الأصحاب وفي العسل يذكر أنه جبلي أو بلدي صيفي أو خريفي أو أصفر أو أبيض ولا يشترط ذكر الجديد والعتيق ويقبل ما رق بسبب الحر ولا يقبل ما رق رقة عيب‏.‏

 فصل يجوز السلم في اللبن

ويبين فيه ما يبين في اللحم سوى الأمر الثالث والسادس ويبين نوع العلف لاختلاف الغرض به ولا حاجة إلى ذكر اللون والحلاوة لان المطلق ينصرف إلى الحلو بل لو أسلم في اللبن الحامض لم يجز لأن الحموضة عيب وإذا أسلم في لبن يومين أو ثلاثة فإنما يجوز إذا بقي حلوا في تلك المدة وإذا أسلم في السمن يبين ما يبين في اللبن ويذكر أنه أبيض أو أصفر وهل يحتاج إلى ذكر العتيق والجديد وجهان قال الشيخ أبو حامد لا بل العتيق معيب لا يصح السلم فيه وقال القاضي أبو الطيب العتيق المتغير هو المعيب لا كل عتيق فيجب بيانه وفي الزبد يذكر ما يذكر في السمن وأنه زبد يومه أو أمسه ويجوز في اللبن كيلا ووزنا لكن لا يكال حتى تسكن رغوته ويوزن قبل سكونها والسمن يكال ويوزن إلا إذا كان جامدا يتجافى في المكيال فيتعين الوزن وليس في الزبد الا الوزن وكذا اللبأ المجفف وقبل الجفاف هو كاللبن وإذا جوزنا السلم في الجبن وجب بيان نوعه وبلده وأنه رطب أو يابس وأما المخيض الذي فيه ماء فلا يجوز السلم فيه نص الشافعي رضي الله عنه وإن لم يكن فيه ماء جاز وحينئذ لا يضر وصف الحموضة لأنها مقصودة فيها‏.‏

 فصل إذا أسلم في الصوف

قال صوف بلد كذا وذكر لونه وطوله قصره وأنه خريفي أو ربيعي من ذكور أو إناث لأن صوف الإناث أشد نعومة‏.‏

واستغنوا بذلك عن ذكر اللين والخشونة ولا يقبل إلا خالصا من الشوك والبعر فان شرط كونه مغسولا جاز إلا أن يعيبه الغسل والشعر والوبر كالصوف ويضبط الجميع وزناً يبين في القطن بلده ولونه وكثرة لحمه وقلته والخشونة والنعومة وكونه عتيقاً أو جديداً إن اختلف الغرض به والمطلق يحمل على الجاف وعلى ما فيه الحب ويجوز في الحليج وفي حب القطن ولا يجوز في القطن في الجوزق قبل التشقق وأما بعده ففي التهذيب أنه يجوز وقال في التتمة ظاهر المذهب أنه لا يجوز لاستتار المقصود بما لا مصلحة فيه وهذا هو الذي أطلق العراقيون حكايته عن النص‏.‏

 فصل يبين في الابريسم لونه وبلده ودقته

وغلظه ولا يشترط ذكر الخشونة والنعومة ولا يجوز السلم في القز وفيه الدود لا حياً ولا ميتاً لأنه يمنع معرفة وزن القز وبعد خروج الدود يجوز‏.‏

 فصل وإذا أسلم في الغزل

ذكر ما يذكر في القطن ويذكر الدقة ويجوز السلم في غزل الكتان ويجوز شرط كونه مصبوغا ويشترط بيان الصبغ‏.‏

 فصل إذا أسلم في الثياب

ذكر جنسها من إبريسم أو قطن أو والبلد الذي ينسج فيه إن اختلف به الغرض وقد يغني ذكر النوع عنه وعن الجنس أيضاً ويبين الطول والعرض والغلظ والدقة والنعومة والخشونة ويجوز في المقصود والمطلق محمول على الخام ولا يجوز في الملبوس لأنه لا ينضبط ويجوز فيما صبغ غزله قبل النسج كالبرود والمعروف في كتب الأصحاب أنه لا يجوز المصبوغ بعد النسج وفيه وجه أنه يجوز قاله طائفة منهم الشيخ أبو محمد وصاحب الحاوي وهو القياس‏.‏

قال الصيمري يجوز السلم في القمص والسراويلات إذا ضبطت طولا وعرضا وسعة وضيقاً‏.‏

 فصل الخشب أنواع

منها الحطب فيذكر نوعه وغلظه ودقته وأنه من نفس الشجر أو من أغصانه ووزنه ولا يجب التعرض للرطوبة والجاف والمطلق محمول على الجفاف ويجب قبول المعوج والمستقيم‏.‏

ومنها ما يطلب للبناء كالجذوع فيذكر النوع والطول والغلظ والدقة ولا يشترط الوزن على الصحيح وشرطه الشيخ أبو محمد ولو ذكر جاز بخلاف الثياب ولا يجوز في المخروط لاختلاف أعلاه وأسفله ومنها ما يطلب ليغرس فيذكر العدد والنوع والطول والغلظ ومنها ما يطلب ليتخذ منه القسي والسهام فيذكر فيه النوع والدقة والغلظ وزاد بعضهم كونه سهليا أو جبليا لان الجبلي أصلح ومنهم من شرط الوزن فيه وفي خشب البناء‏.‏

إذا أسلم في الحديد ذكر نوعه وأنه ذكر أو أنثى ولونه ولينه وفي الرصاص يذكر نوعه من قلع وغيره وفي الصفر من شبه وغيره ولونهما وخشونتهما ولينهما ولا بد من الوزن في جميع ذلك

فرع كل شيء لا يتأتى وزنه بالقبان لكبره يوزن بالعرض على الماء‏.‏

قلت قد سبقت كيفية الوزن بالماء في باب الربا والله أعلم‏.‏